الصيد بطريقته الخاصة
بدأ كل شيء في ذلك الصباح. كان مارك معروفًا في المنطقة بأنه صياد ذو خبرة كبيرة ويتبع تقنية مميزة للغاية في الصيد. ربما تكون الطريقة التي يستخدمها غير مألوفة لكثير من الأشخاص لكنها طريقة معروفة في بعض أجزاء الولايات المتحدة. باختصار كان ينزل إلى الماء بالكامل ويقوم بتحريك أصابعه لأعلى ولأسفل على أمل أن تعض سمكة يده! تبدو طريقة خطرة أليس كذلك؟ لكن كانت هناك أسباب وجيهة وراء استخدام تلك الطريقة.
تجربة عملية
في ذلك اليوم أجرى أحد الصحفيين المحليين مقابلة مع مارك. أراد الصحفي أن يرى بنفسه كيف تعمل هذه الطريقة الغريبة في الصيد. وأمام أنظار الصحفي وعدسات الكاميرات خاض مارك في الماء وشمر عن أكمامه. غمر ذراعه بالكامل أسفل الماء وبدأ تحريكه. قال مارك أن هذه هي أفضل طريقة لصيد سمك السلور. ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى بدأ العض. رأي الصحفي ذراع مارك مطوية تحته وهو يصرخ بصوت عالٍ: “انظر إلي!”.
تقنية غريبة للصيد
بحركة واحدة قوية وسريعة رفع الصياد مارك لارسون ذراعه من الماء. وبالفعل كانت هناك إحدى أسماك السلور الجميلة بطول 40 سنتيمترا في يده. تتميز هذه النوعية من الأسماك بأنها عديمة الأسنان لذلك فإن الطريقة التي يتبعها مارك في صيدها ليست خطيرة للغاية كما تبدو. ومع ذلك فإن السمكة يمكن أن تعتصر يده بشدة بعضلات فمها القوية وهذا يمكن أن يتسبب له في بعض الإصابات الطفيفة. أنزل مارك السمكة وأظهر يديه للصحفي ليراها بوضوح.
بعض الخدوش الصغيرة
رأى الصياد ما قامت به سمكة السلور التي اصطادها مارك للتو أمامه. حيث كانت هناك بعض الخدوش الصغيرة نتيجة عضة السمكة. لكن بالنسبة للصياد كانت الخطورة الحقيقية تتمثل في الأسماك العملاقة. بدأ مارك يشرح هذا الأمر للصحفي. “في حالة السمكة العملاقة التي اصطدتها بالأمس لم يكن الأمر بتلك السهولة. كان طول السمكة يقترب من المترين وكنت متأكدًا من أنها تستطيع أن تلقي بي في الماء وتغرقني. لكن هذا لم يكن الجزء الصادم من ذلك الصيد”.
تحت سطح الماء
في صباح نفس اليوم الذي اصطاد مارك فيه سمكة السلور العملاقة كان قد اصطاد بالفعل بعض أسماك السلور الأصغر حجمًا. وبينما يقوم بالصيد رأى ظلًا كبيرًا يظهر تحت سطح الماء على بعد متر ونصف المتر منه. كان الشيء يتحرك ببطء ويحوم من حوله أسفل سطح الماء. وشعر مارك بالخطر الغامض يقترب منه دون أن يدرك تحديدًا طبيعة ذلك الخطر الذي يتربص به.
سمكة السلور العملاقة
كانت أكبر سمكة يراها مارك طوال حياته التي عاشها يمارس مهنة الصيد. وكان هذا يعني أن الأمر خارق للعادة بالفعل لأن مارك كان يمارس مهنته كصياد لأكثر من 25 عامًا. لم يكن مارك هو الوحيد الذي رأى هذه السمكة تظهر. كان هناك العديد من الحاضرين في نفس الوقت كما لفت انتباه العديد من المارة في ذلك اليوم. وخلال دقائق بدأ الكثير من المتفرجين يتجمعون لمشاهدة الحدث الذي لا يتكرر في العمر إلا نادرًا.
صيد من نوع فريد
قفز مارك من الماء في ذعر. أيقن أنه من غير الممكن ان يتعامل مع هذا الصيد بيديه العاريتين كالعادة. هرع إلى الشاطئ حيث يضع أدواته الخاصة. وقام بإحضار صنارة صيد من نوع خاص. كانت الصنارة التي أحضرها عبارة عن عود طويل بخطاف غير حاد في نهايته. هكذا وضع مارك بعض اللحوم النيئة في الخطاف ومن ثم بدأت المعركة الكبرى بين مارك ووحش البحيرة. معركة كان يغامر فيها مارك بحياته نفسها.
وحش البحيرة
بعد بضع دقائق فقط عضت السمكة العملاقة الطعم الذي وضعه لها مارك. كان من الواضح أنها لا تخاف من مارك الذي كان يسعى بكل قوته لصيدها لكنها لم تكن لتستسلم له بسهولة أبدًا. جذبت السمكة الصنارة بكل قوتها وكادت تسحب مارك معها إلى البحيرة عدة مرات. حتى رجال الشرطة المحليين الذين كانوا يقومون بالتجول حول البحيرة وقفوا يتأملون المشهد بإعجاب. لكن سرعان ما أصيب جميع المتفرجين بالرعب. فقد كانت المفاجأة أسوأ من جميع توقعاتهم.
صراع في الماء
رأى الجميع السمكة العملاقة من مسافة بعيدة لكنهم لم يدركوا بعد مدى ضخامتها. يبدو أن مارك وحده كان على علم بمدى خطورة الأمر. كان الصراع محتدمًا في الماء بين مارك والوحش. ورغم خبرة مارك الطويلة كصياد محترف إلا أن السمكة كانت تتمتع بميزة لا يملكها الرجل. وهي أنها كانت تقاتل في بيئتها المائية. بعد أن بدأ يشعر أن الصراع لا يتجه لصالحه صاح بأعلى صوته مناديًا أحد الأشخاص “أحضر الشاحنة” وألقى بمفاتيح سيارته على الشاطئ طالبًا منه أن يحضر له شاحنته.
نهاية المعركة
استمرت المعركة طويلًا بين مارك والسمكة العملاقة. لكن أخيرًا بدأت الكفة تميل لصالح مارك وبدأت السمكة تعلن استسلامها. وبالرغم من إنهاكه الشديد تمكن مارك في النهاية من إخراج السمكة من الماء وجذبها نحو الشاطئ. لقد انتصر أخيرًا في معركته مع هذا الوحش الذي ظن الجميع أنه لا يُقهر. وبمساعدة ثمانية أشخاص آخرين استطاع أن يحضر السمكة هائلة الحجم إلى المقطورة. لكن الصدمة الأكبر لم تأت بعد. لقد كان على وشك اكتشافها في اللحظات التالية.
رقم قياسي
في المقطورة كان هناك ميزان يمكنه أن يزن ذلك الصيد العملاق. لقد كان بالفعل صيدًا غير مسبوق وعرف مارك بالتأكيد أن وسائل الإعلام سوف تتناول قصته بشغف. فقد اتضح أن السمكة التي أخرجها للتو من الماء تزن أكثر من 200 كيلوغرام. وهو رقم قياسي من شأنه أن يستمر لعدة سنوات. لكن سمكة السلور العملاقة فتحت فمها الضخم لتكشف عن مفاجأة أكبر كثيرًا من مفاجأة حجمها الهائل.
البريق
تفحص مارك فم الكائن العملاق وشعر على الفور بقشعريرة تسري في جميع أنحاء جسده. فقد بدا له أن فم سمكة السلور يتوهج بلمعان غير عادي. كانت هناك انعكاسات باللون الذهبي والأحمر والفضي والبنفسجي. وعندما برزت الشمس من وراء السحب اشتد وهج البريق القادم من فم السمكة كأنه ألف نجمة متلألأة. وساد الذهول بين جميع الحاضرين في تلك اللحظات وهم يفتحون أفواههم غير مصدقين. فقد كان ما يرونه بالفعل شيء لا يصدق.
ما بداخل فمها
تجمع العديد من المارة وبعض رجال الشرطة يراقبون ما يحدث في ذهول. كان فم السمكة الضخمة يتوهج بأضواء غير عادية. كان فمها مليئًا بمئات من الأحجار الصغيرة التي تشبه الماس والتي تعكس ضوء الشمس بألوان ساحرة الجمال لقوس قزح. وفي قلب حالة الدهشة والانبهار لدى الحاضرين قطع أحد رجال الشرطة الصمت وهو يتساءل بريبة: “انتظر، ما هذا؟” ولم تكن لدى مارك أي إجابة.
بريق الماس
لم يكن فم سمك السلور يلمع كما لو كانت أسنانها مصنوعة من الماس. في الحقيقة ليست لدى السمكة أسنان. وإنما كان الفم مليئًا بالفعل بالماس. قام مارك برفع لسان السمكة الضخم ووجد تحته ما لا يقل عن 10 ماسات كبيرة متلألئة. كانت المعادن بحجم قبضة اليد. أصيب الجميع بالصدمة وهم يتساءلون من أين لهذه السمكة أن تبتلع مثل هذا الكنز الثمين. لكن الضباط كانوا ينظرون إلى بعضهم البعض بنظرات ذات مغزى وهم يهزون رؤوسهم.
من أين أتى الماس
قال أحد رجال الشرطة للحاضرين: “نحن نعلم من أين يأتي هذا الماس”. وبدأ يشرح الأمر أنهم لم يكونوا حاضرين في ذلك الزمان والمكان بالصدفة. فمنذ عدة أيام وهم يقومون بدوريات حول هذه المياه. والسبب سرقة عدد كبير من الماسات الثمينة من المتحف الوطني. كانت الماسات التي عثر عليها في فم السمكة تبلغ قيمتها حوالي 20 مليون دولار وهي تمثل جزءًا فقط مما تم سرقته من المتحف. لكن مارك تساءل بدهشة: “ولكن كيف وصل الماس إلى هذه الأسماك؟”.
اللصوص
أوضحت الشرطة أنهم علموا من خلال بعض مصادرهم أن اللصوص حينما شعروا بالخطر ألقوا كل المسروقات في البحيرة. ومع ذلك فحتى تلك اللحظة لم تكن الشرطة قد عثرت على أي أثر لما تم سرقته أو للصوص الذين قاموا بالأمر. يبدو أن السمكة قد شاهدت الأحجار اللامعة والتقطتها بفمها عن طريق الخطأ. لكن كان السؤال الذي يدور في أذهان رجال الشرطة هو كيف يمكن العثور على بقية الماس المفقود. والأهم هو كيف يمكن العثور على اللصوص.
الخطة
قال مارك: “حسنًا لدى خطة يمكن أن تكون مفيدة في هذه الحالة”. ذهب إلى لوحة القيادة في سيارته وأخذ جهازًا صغيرًا. قام بوضعه وتثبيته على ظهر سمكة السلور وهو يوضح: “إنه مستشعر اهتزاز. يكتشف الاهتزازات في الماء ويرسلها إلى كمبيوتر سيارتي”. كان المستشعر حساسًا لاكتشاف الاهتزازات في جميع أنحاء البحيرة. ويمكن أن يلاحظ الاهتزازات عندما يعود اللصوص لإكمال مهمتهم ويقوم بالتالي بتحديد موقعهم بالضبط. وضعت الشرطة خطة مارك موضع التنفيذ على الفور.
بطل قومي
جمعت الشرطة كل الماس من فم السمكة وأطلقوها مرة أخرى في الماء بعد تثبيت الجهاز بها. وبدأت متابعة الجهاز عبر الكمبيوتر في سيارة مارك. بقي مارك وأحد رجال الشرطة في السيارة ومعه جهاز الاتصال اللاسلكي للتواصل مع بقية المجموعة. تحرك أكثر من 50 ضابطا بهدوء واصطفوا حول البحيرة. وقبيل الثانية صباحًا رصد الجهاز هزة كبيرة على الجانب الشمالي الغربي من البحيرة. وتحرك الجميع إلى هناك بسرعة! وبفضل ذلك تم القبض على اللصوص متلبسين وتمكنوا من استعادة المسروقات التي تم إلقاؤها في الماء.
تم تكريم مارك كمواطن فخري من قبل رئيس البلدية. ونال شهرة واسعة النطاق ليس فقط باعتباره الصياد الذي اصطاد السمكة الأكبر في تاريخ البحيرة. وإنما أيضًا باعتباره البطل القومي الذي نجح في استعادة كنز يقدر بأكثر من 54 مليون دولار.