ألوان مدهشة
كانت المرة الأولى التي رأت فيها لورا هذا الشيء العجيب قبل أسبوع مضى. وكان ذلك الشيء المنتفخ ذو اللون الأصفر الذهبي يطفو بالقرب من لورا وزوجها بينما كانا يعملان في الحديقة. فيما بعد أخبرت لورا الصحفيين الذين توافدوا من أنحاء الولاية لتغطية الحدث: “كثيرًا ما نرى أشياء تطفو في المجرى المائي. لكن تركيبة الألوان المدهشة هي التي لفتت انتباهي وأثارت ذهولي.” لذلك قامت لورا برفع الكتلة الهشة من الماء وأرتها لزوجها..
فزع الزوج
سأل أحد الصحفيين لورا: وما الذي حدث بعد ذلك؟ أجابته: نظر زوجي إلي الشيء بعيون واسعة وأطلق على الفور صيحة ذعر. بدا من الواضح أن زوجها تعرّف على ذلك الشيء وأن هذا سبب له هذه الحالة من الفزع المفاجئ. انتزع الشيء من يدها وأسقطه على الأرض بحركة سريعة. وبدأ في ارتداء قفازات مطاطية على الفور وطلب منها الابتعاد. ما كان هذا الشيء؟! وما الذي يعرفه زوجها عنه ليتسبب في إثارة فزعه لهذه الدرجة؟!!
الخطر الغامض
قالت لورا للصحفيين أنها شعرت بالاستغراب الشديد في تلك اللحظة. وكان من الواضح على ما يبدو أن في الأمر خطر ما لا تعرف كنهه، لأن زوجها طلب منها أن تغسل يديها على الفور. لم تكن تعرف المبرر الذي يدفعه لكل تلك التصرفات وردود الأفعال غير المفهومة. ولكن الآن أصبح الأمر أكثر من واضح بالنسبة لها. تابع الصحفيون باهتمام قصة المرأة البالغة من العمر 68 عامًا وانتظروا جميعًا كلماتها التالية بترقب وفضول..
أين اختفى؟
قدّرت لورا خطورة الأمر وفهمت أن المسألة لا تحتمل النقاش وأن التوقيت غير مناسب لطرح التساؤلات العديدة التي تدور في ذهنها. لذلك هرعت إلى الداخل وفركت يديها لمدة 15 دقيقة تقريبًا. وعندما عادت إلى الخارج مرة أخرى بعد أن انتهت من تنظيف يديها، كان زوجها قد اختفى وكذلك الكتلة الذهبية التي اصطادتها. نظرت المرأة حولها، لكن لم يكن هناك أي أثر يشير إلى مكان الزوج. لكنها فجأة سمعت ضجة عالية تصدر من السقيفة..
ما الذي يجري؟
اقتربت لورا بتوجس من السقيفة القديمة المجاورة لمنزلهم والتي يتخذونها مخزنًا. كان زوجها توم هو الذي بدا لها من الداخل. وحين نادته مستفسرة عما يفعل هناك، قال إنه أخذ ذلك الشيء إلى الداخل لإخضاعه لمزيد من الفحص. كانت لورا يملؤها الفضول الشديد حول طبيعة هذا الشيء الغامض. وكان من الواضح أن زوجها لديه الإجابات التي ترغب هي في معرفتها. لذلك اقتربت منه ببطء وبحذر وهي تستعيد ذكريات كثيرة لتجارب مرت بها هي وزوجها.
المختبر البدائي
وقفت لورا عند فتحة السقيفة ونظرت إلى الداخل. بينما كان زوجها يبدو منهمكًا فيما يقوم به موليًا ظهره لها، وقد انحنى فوق طاولة عمله. في هذا المكان حيث كانا في الماضي يهتمان معًا بجمع ودراسة العينات من البيئة المحيطة وكثيرًا ما شهدت أبحاثهما في مجال البيئة وعلم الأحياء الكثير من النتائج الشيقة. اقتربت لورا أكثر وسمعته يصدر همهمات توحي بالاهتمام والمفاجأة. ثم تطلع إليها بعينين مندهشتين وقال أرجو أن تأتي وتتحققي من ذلك بنفسك!
الكائن الغامض
اقتربت لورا حتى أصبحت إلى جوار زوجها ورأت أن الكتلة الذهبية المنتفخة موضوعة في وعاء أبيض بلاستيكي. كان الوعاء الكبير يمتلئ بطبقة ضحلة من الماء. أوضح لها زوجها أن هذا كان ضروريًا، لأن تلك العينة ليست مجرد شيء. إنما هو في الواقع كائن حي. ذلك المخلوق الذي كان لا يزال غريبًا بالنسبة لها في ذلك الوقت هو كائن مائي من الحزازيات يحمل الاسم اللاتيني: بكتيناتيلا ماغنيفيكا (Pectinatella Magnifica). رددت زوجته الاسم وتساءلت بفضول ماذا يفعل هذا الكائن العجيب؟
أخطر مما تتصور
وبينما كانت تتحدث لورا وقع نظرها على يدي زوجها وساعديه. كانت ذراعاه مليئتان بالقروح الملتهبة. شرح توم لها الموقف وهو يحاول تطهير تلك الجروح بسرعة ووضع المرهم عليها.. أخبرها أن هذا حيوان رخوي نادر جدًا في هذه المناطق. وأنه رغم مظهره الذي يبدو غير ضار، إلا أنه يمثل خطورة أكبر مما قد يتصور أحد. تعلقت عينا لورا بالكائن عجيب الهيئة الذي يرقد في الإناء البلاستيكي، وهي تنصت لزوجها بتوتر شديد. فقد شعرت أن الأمر يفوق توقعاتها بالفعل.
فصيلة نادرة
قال لها زوجها: “الحزازيات عادةً ما تكون أصغر بكثير من هذا ولا يفترض بها أن توجد في هذه المناطق على الإطلاق. وهي تسبب الكثير من التهيج للبشرة عند لمسها كما ترين، ولكن هذه ليست هي المشكلة الأكبر التي تسببها هذه الكائنات. فإن خطورتها تنبع من أنها نادرًا ما تأتي بمفردها وإنما تاتي بجماعات هائلة مما يتسبب في أضرار شديدة للأماكن التي تجتاحها.” لم يكد توم ينتهي من قول هذه الكلمات حتى سمعوا صراخًا عاليًا في الخارج..
الاجتياح
كانت الصيحة هي لإحدى جاراتهم، وهي سيدة تبلغ من العمر 35 عامًا وتسكن على بعد حوالي 50 مترًا من منزلهم وعندما خرجا رأوا على الفور العواقب الوخيمة التي قد تسببها هذه المخلوقات. فكما قال توم بالضبط عندما تأتي هذه الكائنات، فإنها لا تأتي بمفردها. ومع الأعداد الهائلة لهذه الرخويات، فقد يتسبب ذلك في كارثة طبيعية محلية وأضرار لا يمكن التنبؤ بمدى فداحتها. وكان المشهد أمام أعينهم وكأنه واحد من أشنع كوابيسهم.
غزو الحزازيات
كان الأمر بالضبط كما توقع توم. حيث المجرى المائي بأكمله مليئًا بالكائنات المائية من فصيلة الحزازيات. كان سطح الماء بالكامل مكسوًا باللون الأصفر الذهبي وقد تحركت عشرات من تلك الكائنات إلى ضفتي المجرى. وكانت أجزاء من حديقتهم مغطاة بالفعل بتلك المخلوقات وكان هذا يعني أن حديقتهم في طريقها للدمار وموت كل النباتات الموجودة بها. كان عليهم أن يتصرفوا بسرعة، وإلا فإن كل البيئة المحيطة بهم سوف تتضرر بشدة. وهنا خطرت لتوم فكرة.
فكرة ذكية
على مدى سنوات كان لورا وتوم يعملان في مجال الطبيعة والبيئة. وكانا يعرفان أن الطبيعة دائمًا تأتي بما لا يمكن توقعه، وعلى الشخص أن يكون مستعدًا للتعامل معها على الفور. وفي مثل هذا الموقف يصبح أفضل الحلول هو التصرف بسرعة وهذا بالضبط ما فعلوه الآن. أحضر توم حفاره الصغير ووضع جذعًا كبيرًا في النهر ليوقف المجرى المائي. كانت حركة ذكية لكن ذلك لم يحل المشكلة. لحسن الحظ لم يكن هذا هو كل ما لديه، وإنما قام توم بشيء لا يُصدَّق.
ملامح الخطة
بينما كانت لورا تحاول تهدئة جارتها، كان بإمكان توم أن يرى كيف تجمعت الحزازيات وبدأت تتراكم على جذع الشجرة الذي وضعه في المجرى المائي. كان التيار قويًا وتسبب في دفع آلاف الكائنات بقوة نحو الجذع. وهنا بدأت ملامح خطة توم تتضح شيئًا فشيئًا فقد انطلق بالحفار إلى الأمام وبدأ في الحفر. بينما كانت لورا وجارتها تتسائلان حول مدى نجاح هذه الفكرة في النهاية فقد كان يبدو أنه لا قبل لأحد بمواجهة تلك الأعداد المهولة من الحزازيات أو السيطرة عليها.
الفخ
باستخدام الحفار قام توم بشق قناة صغيرة جديدة موازية لمجرى القناة الأصلية. وبعد أن أصبحت الحفرة الجديدة بطول وعمق مناسبين قام في النهاية بتوصيل نهاية قناته المحفورة بالجدول الأصلي، مما أدى إلى إنشاء تحويلة لمسار المجرى المائي. بينما أصبح جذع الشجرة بمثابة سد، عمل على إرسال الماء والحيوانات إلى حفرة توم التي أنشأها للتو. شيئًا فشيئًا بدأت تلك الحيوانات تندفع باتجاه التفريعة الجديدة. والآن أصبحت أكثر هذه الكائنات الرهيبة هنا في حفرة توم فماذا كان بوسعه أن يفعل معها!
المساعدة
كانت لورا تبحث عن طريقة تساعد بها توم بينما يقوم بحفر قناته الجديدة لاصطياد الحزازيات. وفي الوقت الذي كان توم مشغولًا بجعل قناته أكثر عمقًا وطولًا بما يكفي لاستيعاب كل تلك الأعداد من الكائنات الغازية، كانت هي تفكر في الخطوة التالية. في النهاية بالطبع لن تتمكن تلك الكائنات من البقاء هنا للأبد. ومن المؤكد أنها ستزحف وتنتشر من جديد. كان طول الخندق الجديد أكثر من 40 مترًا والآن أصبحت جميع الكائنات فيه. لكن ماذا بعد؟
الخروج من المأزق
أغلق توم الفتحة التي تربط قناته بالجدول وأصبحت جميع الحيوانات محاصرة الآن بها. لكن كيف يمكنهم التخلص من ذلك الكابوس؟ لحسن الحظ توصلت لورا أخيرًا إلى فكرة للمساعدة في ذلك. بفضل خلفيتها كعالمة أحياء، كانت تعرف العديد من منظمات الطبيعة. ولحسن الحظ، كانت هناك منظمة محلية في تلك المنطقة. اتصلت بهم على الفور وخلال ساعتين كانت هناك 4 شاحنات عملاقة قد وصلت للمساعدة. لكنهم كانوا يحملون مفاجأة معهم أيضًا. في الصفحة التالية نكتشف معًا كيف انتهت هذه القصة.
العمل الجماعي
نزل السائقون وأطلعوا توم على ما أحضروه في مقطوراتهم خصيصًا من أجل هذه المهمة.. كانت الشاحنات الأربعة محملة بخزانات ضخمة من المياه. بحيث تكفي لنقل جميع الكائنات البحرية التي غزت منطقتهم. وتمكن السائقون مع حوالي 100 متطوع من سكان القرية من جمع جميع الحزازيات باستخدام القفازات من الخندق ونقلها إلى الحاويات. تنفس توم ولورا الصعداء أخيرًا لكن القصة لم تنته عند هذا الحد. فقد كانت هناك مفاجأة أخيرة بانتظارهم، لكنها مفاجأة سارة هذه المرة.
مكافأة غير متوقعة
تمت إعادة الحزازيات إلى بيئتهم الأصلية. كان لا يزال لغزًا محيرًا كيف وصلت تلك الكائنات إلى هذه المنطقة. لكن الجميع كان ينظر إلى توم ولورا على أنهما بطلان حقيقيان. لقد منعا وقوع كارثة كبرى للقرية وتم منحهما أوسمة. كما قامت السلطات المحلية بتحويل السقيفة القديمة الخاصة بهما إلى مختبر أبحاث حيث يمكن لتوم ولورا استكشاف الطبيعة بشكل أفضل. لقد شعروا بسعادة غامرة بتلك المكافأة غير المتوقعة، ولكن سعادتهم الأكبر كانت أنهم تمكنوا من إنقاذ الطبيعة والوصول بها إلى بر الأمان!